المرتجی موقع المهدویة لمعرفة الامام المهدی

دور المرأة المسلمة للتمهيد لظهور الإمام المهدي(عج)

الدكتورة نعيمة ابن فارس

(الدكتوراة من جامعة کولومبیا)
 

المقدمة :

 
منذ فجر التاريخ كان صلاح المرأة مرتبط بصلاح المجتمع وفسادها بفساده، فبصلاحها بنيت حضارات وبفسادها هدمت.
و نظرا للعلاقة القوية التي تربط المرأة بالرجل لكونها أم أو زوجة أو إبنة فقد كان نجاحه أو فشله رهين بصلاحها أو فسادها أيضا.
حيث أن الكثير من عظماء البشر كان وراء إنجازاتهم نساء وقفن إلى جانبهم، وكما يقول المثل وراء كل عظيم إمرأة.
ولنا في المرأة المسلمة لأعظم مثال.
فخديجة بنت خويلد كانت أول إنسان عرف بما جرى للنبي (ص) في غار حراء. لما حدثها به قالت له:
(كلا، أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدا؛ إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق) [1].
فكانت أول من آمن به وآثرت بمالها وأضحت تواسيه وتسانده بكل ما أوتيت من قوة فيما لقيه من صعاب ومتاعب من جراء عداء وأذى قريش في بداية رسالته.
وكانت ثمرة هذا الحب الطاهر النقي المبني على حب الله هو ولادة فاطمة الزهراء (ع) التي لقبت بأم أبيها وسيدة نساء العالمين.
تلقت فاطمة الزهراء (س) تربية حسنة من أمها وأبيها ونشأت على التعاليم الإسلامية.
كانت تعتني بأبيها مثل ما تعتني الأم بولدها، ووقفت بجانبه في وجه قريش وهاجرت معه وكانت نعم الإبنة لأعظم أب بل وأصلح زوجة لأتقى وأشجع رجل آمن بالرسلة المحمدية.
إذ تزوجت علي بن أبي‌طالب فكانت توفر له الأجواء الملائمة في البيت ولم تتخل يوما عن مسؤولياتها المنزلية ولا عن واجباتها الزوجية.
الكل يعرف إنتصارات علي بن أبي‌طالب (ع) وما قدمه من أجل إعلاء كلمة الله سبحانه وتعالى.
وهذا لم يكن ليتحقق لولا إرتباطه بزوجة صالحة حفزته على النجاح ووفرت له السكن المطلوب.
كل هذا لم يجعلها تتهاون في واجبها كأم بل كانت خير أم لخيرة أبناء.
كانت تعتني بهم نفسيا وجسديا، ربتهم على الدين والفضيلة وغدتهم بالتقوى والإيمان. فنتج عن هذه التربية الصالحة الحسنة أبناء سطع صيتهم في خدمة الدين الإسلامي الحنيف وفي الشجاعة والشهامة والتقى.
جيل بعد جيل بدأ المسلمون يبتعدون عن تعاليم وأحكام دينهم ويتبعون الشهوات والمغريات الدنيوية ولم تسلم المرأة المسلمة من هذا الإنحراف.
خصوصا في زمننا هذا حيث تردي الفضيلة وسوء التربية وتفشي الموبقات، هذا الزمن الذي فيه ضعفت الروابط الأسرية وسلبت الطفولة وفقدت الرجولة وضاعت العفة. ولقد كانت المرأة أكثرمن إنصاع للإنحراف.
إن المرأة ساهمت بشكل كبيرفي إنتشار الفساد. إذ غدت المرأة مؤخرا ورقة ضاغطة ووسيلة ناجعة لتدهور الأمة الإسلامية ولإضعاف شعوبها وبالتالي القضاء على الدين الإسلامي.
وهيهات لهم ذلك. قال الله سبحانه وتعالى: “يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوكَرِهَ الْكَافِرُونَ” [التوبة: ٣٢ ].
وسط ما نعيشه من إضطهادات وثورات وحروب أهلية، باتت الأمة الإسلامية في أمس الحاجة لظهور المنقذ الذي ينتظره الكثير من المسلمين لينقذهم من ظلم الحكام وبأس الطغاة المتجبرين الحاقدين على ديننا الإسلامي الحنيف.
وإزداد شوق الأمة لرؤية خلافة إسلامية حقيقية مثلما كان عليه الحال في عهد رسول الله محمد (ص).
حيث كثر الحديث مؤخرا عن الإمام المهدي (عج) وأصبح متداولا بين الناس بل وكثيرا ما يسمع في المساجد وفي بيوت المسلمين أدعية لتعجيل ظهوره المقدس.
وفي خضم إرهاصات وعلامات الظهور التي نشهدها اليوم ولفتنة الشام (الحرب الأهلية في سوريا) أكبردليل على أن النصر لقريب.
فالسؤال المطروح الآن ليس متى يظهر الإمام (عج) لأنه بات جليا بأنه قريب ولكن السؤال ماذا أنجزنا لإستقباله وهل نحن مستعدون فعلا للغدو معه في مهمته والخوض معه في معركة النصر. هل الإحتفال بمولده كاف؟ أم المحاضرات والندوات الملقاة عنه كافية؟
هل العدد ثلاثمائة وثلاثة عشرمن رجال المسلمين مثل عدد أصحاب بدر جاهز للمضي مع الإمام؟ الكثيرون من سيخيل لهم أن هذا العدد سهل توفيره ولكن إذا تأملنا في الأمر فإننا نجده في هذا الزمن يكاد يكون مستحيلا.
قال الإمام علي (ع): (وإعلموا رحمكم الله أنكم في زمان القائل فيه بالحق قليل، واللسان عن الصدق كليل، واللازم للحق ذليل، أهله معتكفون على العصيان مصطلحون على الإدهان، فتاهم عارم، وشائبهم آثم، وعالمهم منافق، وقارنهم مماذق، لا يعظم صغيرهم كبيرهم، ولا يعول غنيهم فقيرهم.) [٢].
وقال الإمام الحسين(ع): “النَّاسُ عَبِيدُ الدُّنْيَا، والدِّينُ لَعِقٌ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ، يَحُوطُونَهُ مَا دَرَّتْ مَعَايِشُهُمْ، فَإِذَا مُحِّصُوا بِالْبَلَاءِ قَلَّ الدَّيَّانُون” [٣].
لهذا لن يظهر الإمام (عج) إلا عندما نكون مستعدين لذلك الحدث العظيم. إذا حري بالمسلمين أن يصلحوا أنفسهم وأن يعودوا لإحتكام القرآن الكريم والسنة الشريفة في شؤونهم دون اللجوء إلى القوانين الوضعية.
وعلى المسلمين أن يتحلوا بالغيرة على دينهم وأعراضهم وأن يجعلوا تربية المرأة ونشأتها من أولى الأولويات.
وعلى المرأة المسلمة أن تتبع سبل النصح والإرشاد وتعرف أنه لم يعزها ولم يكرمها أحد قط كما عزها وكرمها الإسلام.
ويجب أن تحذو حذو النساء المسلمات الصالحات وتنهج نهجهن وتمشي على خطاهن في حياتها اليومية والعملية سواء كفرد أو كزوجة أو كأم. وهكذا تستطيع أن تغير مجرى التاريخ، لتدفع الشعوب الإسلامية إلى الأمام للإستعداد والتمهيد لظهور سمي النبي (ص) الإمام المهدي (عج).
من أجل الغد الموعود، غد مشرق مفعم بالأمل والعدل والإزدهار.
 

المرأة كفرد :

 
في عصرنا الحالي وبما أن المرأة هي محور وعصب كل مجتمع من المجتمعات فإن أنظار الصهاينة والدول الغربية إنكبت على المرأة المسلمة وجعلت منها كوسيلة للإحاطة وتدمير العالم الإسلامي.
فغدوا بحملتهم العدائية لتشويه الإسلام في نظرها وتشبيه قيمه كأغلال وقيود وأحكامه رجعية لا تساير التقدم الحضاري.
أوهموها أن إظهار جمالها وفتنها في العلن أو التشبه بالرجال هو الحل الأنسب للحصول على الشهرة والمال أو كلاهما، مقتدية بالمرأة الغربية وما وصلت إليه من مكانة في مجتمعها.
عندما نتكلم عن الجمال فإننا نضع الجمال الروحي جانبا لقلة ثمنه في هذا الزمن الأغبر ولفقدان قيمته وفقا للخطة التي رسمت للقضاء على الأمة الإسلامية ونتكلم هنا عن جمال المظهر فقط.
إذ تخلت المرأة المسلمة عن حجابها اوأصبحت تتفنن وتتسابق لإظهار مفاتنها لحد تعريض جسدها لأخطر عمليات التجميل لتجعل منه أداة للربح الوفير، بل وحتى في بعض الأحيان كسلعة تباع وتشترى ويعبث بها كل ذو مال وعطاء.
هذا وللأسف ما نراه في العديد إن لم نقل في معظم الدول الإسلامية (يجدر بالذكر أن المرأة المسلمة هنا يراد بها سواء القاطنة في الدول الإسلامية أو الغربية).
تعتقد المرأة المسلمة اليوم أن التعري والخلاعة وعدم الحياء والإسترجال أفضل وسيلة للنجاح والتفوق في الحياة وأحسن وسيلة للتعبير عن مساواتها مع الرجل وإستقلاليتها وللوصول لمبتغاها.
وأصبح الرقص والغناء من أهم الطرق لإرتقاء سلم المجد وتخدير عقول الشعوب.
وإنه لأسلوب شيطاني محض لنيل المراد وأسلوب قذر لإرباك موازين الحياة مما نراه من عزوف عن الزواج والزواج المماثل ومناظر إباحية علنا أمام الملأ.
إننا نعيش في زمن طغى عليه الفساد وإنحلال الأخلاق وكثرة الموبقات من تعاطي للخمر والمخدرات وتفشي الزنا.
فمن الطبيعي في هكذا محيط وبوجود هكذا نساء يصعب إيجاد رجال مسلمين متحمسين للجهاد والإستعداد لخوض معركة المهدي (عج).
من الطبيعي أن هؤلاء نساء وهن رأس الفتنة غير قادرات على إعداد أجيال صالحة ومتأهبة لوقت الظهور المقدس.
لقد وقعت المرأة المسلمة في شباك خطة الصهاينة لما لديهم من باع وخبرة في تدمير الأمم بواسطة فتنة المرأة.
قال النبي (ص): (إن الدنيا حلوة خضرة. وإن الله مستخلفكم فيها. فينظر كيف تعملون. فاتقوا الدنيا واتقوا النساء. فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء) (٤).
وقال (ص): “ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء” [٥].
ولصيانة المرأة والحد من الفتن ولكي تعيش المرأة بكرامة وعفة أنزل الله عز وجل سورة النور وهي سورة مفروضة على كل المسلمين وأحكامها فرض نص لا أقل.
قال تعالى: “سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ” [النور:١] ومن ضمن الأحكام التي جاءت في هذه السورة نجد الحجاب، قال عز من قائل: “وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ…” [النور: ٣١] وقال أيضا: “يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا” [ الأحزاب: ٥٩ ].
فعلى المرأة المسلمة أن لا تحيد عن طريق الحق وأن لا تكون مصدر الفتن وعليها أن تمتثل بأوامر الله سبحانه وتعالى ورسوله الأكرم (ص) فترتدي حجابها لأنه عفة وطهارة وستر ولتجمله بالحياء وعدم التغني والدلال في الصوت.
قال تعالى: “يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلا مَّعْرُوفًا ” [الأحزاب:٣٢].
وقال رسول الله (ص): (الحياء والإيمان قرنا جميعا، فإذا رفع أحدهما رفع الآخر) [٦] وقال أيضا: (إن الله تعالى حيي ستير يحب الحياء والستر، فإذا اغتسل أحدكم فليستتر) [٧].
والتبرج يعتبر من أعمال الجاهلية. إذ قال الله سبحانه وتعالى: ” وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ… .” [الأحزاب: ٣٣] والتبرج أيضا من الأفعال التي تسبب لصاحبها اللعن والدخول إلى النار، قال صلى الله عليه وآله وسلم: (يكون في آخر أمتي رجال يركبون على سروج كأشباه الرجال، ينزلون على أبواب المساجد، نساؤهم كاسيات عاريات، على رؤوسهن كأسنمة البخت العجاف، إلعنوهن فإنهن ملعونات… .) [٨] لهذا يجب طاعة الله ورسوله وإتباع الأوامر وإجتناب النواهي وإذا تركت الطاعة أستبدلت بالمعصية ومن عصى لن يدخل الجنة.
قال تعالى: ” وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُّبِينًا ” [الأحزاب: ٣٦]،
وقال رسول الله (ص): (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى. قالوا: يا رسول الله، ومن يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى) [٩].
 
إننا بهذا لا نريد أن نقول بأن تفقد المرأة حيويتها ودورها في المجتمع بل إنه من الضروري أن تحسن المرأة من مستواها الديني والإجتماعي والثقافي.
إن الإسلام هو الدين الوحيد الذي إهتم بالمرأة ومنحها الحقوق التي تمكنها من العيش بكرامة وإن القرآن لخير دليل على ما يريده الله سبحانه وتعالى من خصال في المرأة المؤمنة النموذجية إذ قال تعالى:
“وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ، وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ” [التحريم: ١١ و١٢].
والكل يعرف مريم إبنة عمران التي كانت مثال العفة والطهارة وقد كرمها الله سبحانه وتعالى وجعل سورة في القرآن الكريم باسمها (سورة مريم) وقد بلغ صيتها أنحاء العالم ولازالت مجسدة في الكثير من البلدان المسيحية
سواء في الأماكن العامة أو في المنازل، ولم ترق لهذه المكانة بالفجور والتعري والتبرج ولا بالجسد أو الإسترجال ولكن وصلت له بطاعة الله والإمتثال لأوامره والإبتعاد عن نواهيه.
 
وقد عرف التاريخ الإسلامي مواقف بارزة للعديد من النساء المسلمات ففاطمة الزهراء(س) عرفت بفصاحتها وبلاغتها وحكمتها قال النبي (ص):
(حسبك من نساء العالمين مريم بنت عمران، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، وآسية امرأة فرعون، وأفضلهنَّ فاطمة) [١٠].
وقال علي (ع): إستأذن أعمى على فاطمة عليها السلام فَحَجَبَتْهُ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لها: لِمَ حَجَبْتِيه وهولايراك؟
فقالت عليها السلام: إن لم يكن يراني فإني أراه، وهو يشم الريح، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أشهد أنك بضعة منّي” [١١] وقد كانت عليها السلام لا ترتضي الظلم في المجتمع وإن في خطبتها أمام الغاصب الخليفة الأول (أبوبكر) بخصوص إسترجاع إرثها في فدك لدليل على قوة وصلابة وشجاعة المرأة المسلمة ودفاعها عن حقوقها ولو كان ضد حاكم أعظم دولة إسلامية شهدها التاريخ [١٢].
وكما يقول المثل من أين ذلك الغصن من تلك الشجرة، فإن زينب (س) بنت فاطمة الزهراء (س) أبدت موقفا رائعا وشجاعا حين دافعت عن علي بن الحسين (ع) الملقب بالسجاد في محضر يزيد اللعين الذي أصبح زورا خليفة على المسلمين في الشام فلم تسكتها القيود لتقول كلمة الحق.
 
أما في مجال الجهاد فأول شهيد في الإسلام كانت إمرأة وهي سُمية أم عمار بن ياسر وبشرها الرسول (ص) بالجنة.
 
ومما سبق يتبين أن المرأة المسلمة برزت في شتى المجالات والميادين كالحقوق والجهاد والسياسة والدين و فصل الخطاب وكان هذا منذ مئات السنين.
ولم يكن أي توهين للمرأة أوهضم لحقوقها في أي مجال من المجالات وإرتقت أعلى وأهم المناصب بلباس إسلامي متقية الله جل وعلا وممتثلة لأوامره وأوامر رسوله (ص).
ولو إستمعت المرأة المسلمة المعاصرة لصوت الحق وصوت العقل ورجعت لإحتكام المنطق فيما جرى عبر العصور لوجدت أن المرأة الغربية لم تطالب بحقوقها ولم تشغل المناصب المهنية إلا في القرن التاسع عشر،
علماً أنها كانت في العديد من الحضارات القديمة منبوذة، لا قيمة ولا سيادة لها. فلما إختلطت المرأة بالرجل وأصبح جسدها معيارا للجمال تفشى الزنى وإنتشرت الدعارة وكانت المرأة سببا في سقوط هذه الحضارات ، وهذا ما نراه الآن يحصل مع الأمة الإسلامية.
على المرأة أن تعلم أن الإسلام العظيم جاء ليطهر القلوب ويعلي من شأن المرأة ويبرز جمالها الحقيقي وهو جمال الروح الذي يتجلى في أخلاق وطيبة وحنان المرأة.
كما بين أن لها عقل وكيان وتستطيع أن تساهم في تقدم المجتمع شرط إلتزامها بتعاليم وأحكام وشرائع الدين الحنيف. ونحن الآن نرى إرهاصات الظهور، فعلى المرأة المسلمة أن تستيقظ من سباتها قبل فوات الأوان وأن تبتعد عن الضلالة وتتبع طرق الهدى والرشاد.
 

المرأة كزوجة :

 
لكي يعم الدمار وتتشتت الأمة الإسلامية وللنيل منها ومن دينها لجأ أعداء الإسلام إلى تشتيت الأسر فعمدوا إلى ما أسموه بحرية المرأة، حرية زائفة لا تبت لمعنى الحرية بأي صلة.
إذا كانت المرأة أثبتت بحريتها التعدي على حريات كل من حولها ومعروف أن حرية الفرد تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين. فعن أي حرية يتحدثون وإلى أي حرية يهدفون؟
 
إنساقت المرأة المسلمة وراء الشعارات الغربية فدخلت في معركة خاسرة. صارت تنشد الحرية والمساواة بين الرجل والمرأة علما بأنه ليس هناك نظام أعطاها حقوقها كما فعل الإسلام.
لقد أصبحت المرأة لا تسمع إلا لصوت نفسها تلك النفس الأمارة لتدخل في متاهات لا نهاية لها وتأسر نفسها وتقيدها بأغلال وقيود من الصعب التخلص منها.
فأرادت أن تتحرر فاستعبدت وأرادت المساواة فذلت وأهينت.
خرجت باحثة عن الربح الوفير من خلال العمل لساعات طويلة أمنيتها إرضاء صاحب العمل لتعود في آخر اليوم أو في بدايته (هناك من تعمل ليلا في المصانع) محملة بضغوطات الحياة العملية زيادة على التعب والإنهماك لا رغبة لها إلا في النوم للإستعداد ليوم آخر من العمل.
إنها أصبحت أسيرة للزمن ولصاحب العمل إذ تسعى لإرضائه وتمتثل لأوامره وتخشى غضبه ناسية إرضاء الله عز وجل وغير مكترثة لمطالب الزوج وحقوقه عليها من أجل القليل من المال.
مع الوقت تتربى عند المرأة خصلة الطمع وعدم القناعة وقلة الصبر وحب الذات أي كل ماهونقيض الخصال الحميدة التي أوصى بها الإسلام لتربية الفرد وتهذيب نفسه.
لقد أدى هذا إلى إزدياد المشاكل بين الزوج والزوجة حيث أصبحت الزوجة تقارن أجرتها بأجرة زوجها وربحها بربحه وأصبحت تريد بأية طريقة تحسين مستواها لأن عيشته البسيطة لم تعد ملائمة لمكانتها بين صديقاتها.
فأصبحت تريد سيارة جديدة وبيتا فخما ورحلات وغيرها من متع الدنيا الزائلة. هنا نجد المرأة ألقت بنفسها في فخ الشيطان ودخلت في معمعة من الصعب الخروج منها إن لم نقل من المستحيل.
ذلك لأن دخلها ودخل زوجها في كثير من الأحيان لا يسمحان بتوفير متطلباتها فتضطر للإستقراض من البنوك الربوية التي نهى الله سبحانه وتعالى عنها فتصبح بذلك أسيرة للبنوك لعقد أو أكثر من الزمن.
المعضلة الكبرى هي إذا رفض الزوج تصرفاتها الخاطئة المدمرة ولم يستجب لنزواتها الطائشة فإنها تلجأ إلى الطلاق الذي تحصل عليه إما بإتفاق بين الطرفين (الزوج والزوجة) أو عن طريق الخلع.
الغريب في الأمر أن المسلمة التي تلجأ إلى هكذا تصرفات تكون في أغلب الأوقات أم إذ بمجرد الحصول على الطلاق تصطحب اولادها معها تاركة الزوج وحيدا وحائرا متسائلا ماذا يفعل بحياته.
أوبعد كل هذه السنين من الزواج وبعد أن ضمن الإستقرار وكد وعمل في شبابه يأتي عليه زمن يدمر كل شيء ليبدأ من جديد.
هل كان طيلة هذه المدة قنطرة للمرأة لتصل لمبتغاها أم كان مصدر حيا من كي تتمكن من أن تصبح أما وتجد من يهتم بها في عتي عمرها؟.
وسط هكذا ظروف يصاب الرجل (إلا من عصم الله) بالإحباط أوبالأمراض النفسية، فهناك من يلجأ لتعاطي المخدرات وهناك من يلجأ للفجور وممارسة الزنى وهناك من يلجأ للإدمان على حبوب للنوم من أجل النسيان قد تؤدي به للإنتحار.
أفبمثل هؤلاء رجال يتم التمهيد للإمام المهدي (عج)؟ أفبمثل هؤلاء رجال يتحقق العدد الثلاثمائة وثلاثة عشر من أصحاب سمي النبي (ص)؟
كلا ولو إننا في هذا الوقت في أمس حاجة لظهور الإمام (عج) إلا إن الإمكانيات للإستعداد لحدث عظيم كهذا ضعيفة إن لم نقل منعدمة.
 
وبما أن القرآن الكريم صالح لكل زمان ومكان فنجد أنه قد تطرق إلى هذه الآفة الخطيرة التي يتخبط فيها المسلمون.
فكلما مر الزمن إلا ونجده أعظم كلام شمل أعظم أحكام وتوجيهات تقينا من إبتلاءات هذا الزمن الأغبر. قال الله تعالى في كتابه الحكيم: “مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوكَانُوا يَعْلَمُونَ ” [العنكبوت:٤١].
ثبت علميا أن بيت العنكبوت يشيد من طرف الأنثى بواسطة مكونات فيزيائية تساعدها على نسج الخيوط وتكون هذه الخيوط أشد قوة من الفولاذ ومنسوجة بطريقة هندسية رائعة.
لكن بالرغم من هذا فإن هذا البيت لا يقي من برد ولا من حر ولا من مطر وشديد التأثر أمام أي إضطراب أو إهتزاز خارجي.
فترى العنكبوت إذا أحست بخطر يحدق بها تركته وذهبت إلا مكان آخر يقيها لأنها على يقين بأنه ليس هو المكان الآمن لها.
أضف إلى هذا أن البيت خال من كل الروابط الأسرية ويفتقد للأمان والسكينة والطمأنية، إذ أن أنثى العنكبوت تنقض على الذكر الذي يلقحها فتقتله بمجرد تخصيب البيض فيكون بيتها أوهن البيوت لأنه بني على مظاهر خداعة وأساس هش.
وهذا لسبب عدم مشاركة الزوج في بناء البيت. وما أكثر ما نجد اليوم بيوتا مسلمة كبيت العنكبوت.
إن من المدهش أن من بين النساء المسلمات اللواتي يسلكن هذا الطريق وتحذين حذو أنثى العنكبوت هن نساء مسلمات متحجبات يدعين إلى طريق الله سواء بإلقاء دروس أو محاضرات أوندوات دينية.
ومثل هؤلاء النسوة يفسدن في الأرض ويظنن أنهن مصلحات. الأمر هذا في حد ذاته شيء خطير.
إذ أن شر الناس من يأتي الصالح في ذاته فيفسده وهو يدعي الإصلاح فتكون بذلك المصيبة في الكون.
قال تعالى: “وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ” [البقرة: ١١] وقال تعالى: “قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً * أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً” [الكهف: ١٠٣-١٠٥ ].
لقد انخدعت المرأة المسلمة ووقعت تحت تأثير القوانين الوضعية الزائفة التي وللأسف تطبقها العديد من الحكومات الإسلامية المقتدية بالعالم الغربي بخصوص المرأة وحقوق المرأة، تلك الحقوق المدمرة والمهدمة للأسر الإسلامية.
وإنها لمهزلة كبرى في التاريخ أن تتبع دول حاملة راية الإسلام قوانين وضعية عوض كتاب الله وسنة رسوله (ص).
فأصبح الزواج شيء يستهان به والأسرة لا معنى لها والطلاق أيسر الحلول لحل الخلافات الزوجية. ولكن الإسلام كان سباقا للحد من هذه المعضلة الكبرى التي من شأنها تحطيم الأمة إذ وضع شروطا للطلاق.
في الإسلام لا يجوز وقوع الطلاق دون سبب لقوله تعالى: “وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوسَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا…” وأسباب الطلاق في الإسلام هى:
 
١. إصرار الزوج على التغيب عن زوجته أكثر من أربعة أشهر طلاق واقع منه وإن لم ينطق بألفاظ الطلاق وفى هذا قال تعالى في سورة البقرة “للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم”.
٢. إرتكاب الزوج للزنى لقوله بسورة النور “الزانى لا ينكح إلا زانية أو مشركة”.
٣. إرتكاب الزوجة للزنى لقوله بسورة النور ” والزانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشرك”.
٤.التلاعن وهو أن يرمي أي يتهم الزوج زوجته بأنها زانية ويقسم على ذلك بالله أربع مرات وفى الخامسة يقول لعنة الله علي إن كنت من الكاذبين ويمنع العقاب عن الزوجة أن تقسم أنها بريئة بالله أربع مرات وفى الخامسة تقول لعنة الله علي إن كان من الصادقين.
وفى هذا قال تعالى بسورة النور “والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ويدرؤا عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين ” والعكس وهو رمى الزوجة زوجها بالزنى.
٥.إنزال الزوج الضرر بالزوجة سواء كان ضررا بدنيا تظهر علاماته المؤذية لها على جسمها أو ضررا نفسيا تظهر علاماته فى بخله أو إسرافه أو شتمه لها أوسخريته منها أمام الغير وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة “ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه”.
٦. إصرار الزوجة على عصيان زوجها فى المعروف وفى تلك الحالة لا يجوز وقوع الطلاق إلا بعد إستنفاد وسائل الصلح والعكس صحيح وهو إصرار الزوج على عصيان زوجته فى المعروف.
٧. وجود عجز عن الجماع عند أحد الزوجين.”[١٣].
 
كما نرى أن الإسلام أتى ليعزز رابطة الزواج وهي أسمى علاقة تربط الرجل بالمرأة، والزواج الناجح هوالذي بني على حب الله ورسوله، الإيثار ونكران الذات، والتقوى.
قال تعالى: “بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ” [النساء: ١].
والزواج سكن أساسه المودة والرحمة حتى لا يقسو أحدهما على الآخر ولا يغدر ولايخون.
قال جل وعلا: ” وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ” [الروم: ٢١].
وعلى المسلم أن يختار المسلمة ذا أصل طيب وحسن. قال رسول الله (ص): (إياكم وخضراء الدمن !.. قيل: يا رسول الله !.. وما خضراء الدمن ؟..
قال: المرأة الحسناء في منبت السوء) [۱۴]. وعلى المرأة المسلمة أن تتعظ وتتصف بصفات الزوجة الصالحة التي أمر بها الإسلام.
قال أميرالمؤمنين (ع): خير نسائكم الخمس، فقيل: وما الخمس؟ قال: الهينة، اللينة، المواتية، التي إذا غضب زوجها لم تكتحل بغمضٍ حتى يرضى، والتي إذا غاب زوجها حفظته في غيبته، فتلك عاملةٌ من عمال الله لا تخيب) [۱۵] قال الصادق (ع): إنما المرأة قلادةٌ فانظر ما تتقلّد، وليس لإمرأةٍ خطرٌ، لا لصالحتهن ولا لطالحتهن: فأما صالحتهن فليس خطرها الذهب والفضة، هي خيرٌ من الذهب والفضة. وأما طالحتهن فليس خطرها التراب، التراب خيرٌ منها) [۱۶] وعلى المسلم أن يختار المرأة المتدينة كزوجة له.
قال رسول الله (ص): (من تزوج امرأة لا يتزوجها إلا لجمالها، لم يرَ فيها ما يحبّ، ومن تزوّجها لمالها لا يتزوجها إلا وكله الله إليه، فعليكم بذات الدين) [۱۷]. ولتحاول المرأة المسلمة جهد إمكانها عدم الإختلاط بالرجال.
قال رسول الله (ص): (أخبروني أي شيءٍ خيرٌ للنساء؟ فقالت فاطمة(س): أن لا يرين الرجال ولا يراهن الرجال، فأعجب النبي (ص)
وقال: إنّ فاطمة بضعةٌ مني) [۱۸] ولتبتعد المرأة عن خصال المرأة الغربية الدنيئة التي تفقدها حنانها وعطفها وتبعدها عن دينها.
قال رسول الله (ص): (ألا أُخبركم بشرّ نسائكم ؟.. قالوا: بلى، يا رسول الله (ص) !.. قال: إنّ من شرّ نسائكم العقيم الحقود، التي لا تتورع من قبيحٍ، المتبرجة إذا غاب عنها بعلها، الحصان مع بعلها، التي لا تسمع قوله، ولا تطيع أمره، إذا خلا بها بعلها تمنّعت عليه تمنّع الصعب عند ركوبها، ولا تقبل منه عذراً، ولا تغفر له ذنباً) [۱۹].
قال النبي(ص): ” خير نسائكم الودود الولود، المواتية، المواسية، إذا اتقين الله، وشر نسائكم المتبرجات المتخيلات، وهن المنافقات، لا يدخل الجنة منهن إلا مثل الغراب الأعصم” [۲۱].
كما أن المرأة لا يجب أن تثقل كاهل الرجل وتطلب منه أشياء ليس في مقدوره تحقيقها أوتوفيرها. قال تعالى: “لِيُنْفِقْ ذُوسَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَئهَا”(الطلاق:۷)
من خلال ماسبق نجد أنه من الضروري أن تعي المرأة المسلمة بما يخططه الصهاينة والغرب للنيل من الأمة الإسلامية وإتخاذها وسيلة لذلك.
وعليها أن تتسلح بسلاح الدين والتقوى وتتحلى بصفات الزوجة الصالحة أعلاه.
يجب أن تكون ودودة ومواسية لزوجها، توفر له السكن والطمأنينة والسعادة والهناء وتحسسه دائما برجولته وأهميته في البيت بالنسبة لها ولأبنائها.
يجب عليها أن تظهر له كل معالم الأنوثة في شخصها غير مسترجلة أومستبدة، ملتزمة بواجباتها إتجاهه.
عليها أن تعرف أن البيت الزوجي يبنيه الزوجان معا وليس طرف واحد والقيادة فيه تكون للرجل لما له من قوامة على المرأة. قال تعالى: “(الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) [النساء: ۳۴].
وعليها أيضا أن تتحلى بالقناعة والحياء وتسير على درب الطاعة، طاعة زوجها وطاعة الله ورسوله(ص) وأن تغمر قلبها بحب الله سبحانه وتعالى.
بهذا تكون قد وصلت إلى أسمى وأرقى درجات الحرية وهي عبادة الله الواحد الأحد. وهذا ما يجب أن يكون من أولى أولويات كل إمرأة مسلمة وكل مجتمع إسلامي يؤمن بظهور المهدي (عج).
 

المرأة كأم :

 

الأم مدرسة إن أعددتها… أعددت شعبا طيب الأعراق

في وقتنا المعاصر و ما تتطلبه الحياة العملية من تضحيات تم إهمال الأمهات المسلمات لأطفالهن والإتكال على دور الحضانة للإعتناء بهم.
في المرحلة الأولى خصوصا في الشهور الأولى من حياة الطفل تترك الأم طفلها مع قنينة من الحليب في دار الحضانة وتذهب مسرعة للعمل وكأن العمل أهم من طفلها.
تتركه في أيدي إمرأة غربية لا تمت له بأي صلة لا من قريب ولا من بعيد ولا يعرف إن كانت ستعامله بلطف أم لا.
ولكن للأسف وإن لم يستطع الطفل الكلام والتعبير عن رأيه إلا أنه يكون قد تعلم أول درس له في الحياة وهوقساوة القلب (لا عجب أن يلقي الإبن أوالإبنة عند الكبر الأم في دار العجزة عندما تبلغ من الكبر عتيا).
فعوض أن يرتوي الطفل من حليب أمه وهويمتص ثديها فتقوى بذلك روابط المحبة والصلة بين الأم والطفل تعوض هذه العملية بشفط حليب الثدي ووضعه في زجاجة عوض أمه وحنانها.
دار الحضانة هذه قد تستمر مع الطفل لمدة خمس أو ست سنوات. في هذه السنين والتي هي السنين المهمة لتوجيه الطفل للدين وتحفيزه على حفظ القرآن الكريم حيث يتمتع بذاكرة قوية وقابلة لإلتقاط المعلومات والكلمات بسرعة فائقة يكون الطفل بعيدا عن الأجواء الدينية ملتهيا بتعلم الموسيقى والأناشيد والألعاب.
ليس هذا فقط بل يتعلم الطفل في دار الحضانة الأخلاق السيئة والعادات القبيحة بسبب الإختلاط مع أطفال آخرين وفي بعض الأحيان منتمين إلى ديانات أخرى.
ومع غياب التوجيه الديني الصحيح يصبح الطفل بعيدا عن الإسلام وتعاليمه.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى إذا أضفنا عامل طلاق أو إنفصال الوالدين للأسباب التافهة التي أشرنا إليها فإن الكارثة تكون أعظم.
فوسط جو بعيد عن الدين الإسلامي وغياب المرأة عن المنزل طيلة النهار وغياب الأب بسبب الطلاق أو الإنفصال يؤدي هذا إلى تعرض الطفل للأمراض النفسية وللتبول في الفراش أثناء النوم ولو في سن متقدمة، وكذلك التأخر في الدراسة إذ أن قدرتهم الفكرية وطاقتهم على الإستيعاب أقل بكثير من أولئك الذين يعيشون مع أم وأب تحت سقف واحد.
أما إذا كان الإبن ليس طفلا ولكن في سن المراهقة فإنه يكون أكثر الناس تعرضا لتعاطي المخدرات والإنحلال الخلقي وأخذ حبوب الهلوسة والإصابات بالأمراض النفسية التي قد تؤدي إلى الإنتحار، وهذا ما أثبته بحوث إجتماعية أجريت مؤخرا (۱۲).
أضف إلى هذا إذا كانت الضحية فتاة وغالبا ما تأخذ البنت من أمها نموذجا ومثالا تقتدي به في حياتها وتحب أن تمضي على منواله فتكون المصيبة أعظم لأن التاريخ سيعيد نفسه والمشاكل ستتفاقم آلاف المرات.
كل هذا ينتج عن إبتعاد المرأة عن تعاليم الدين الإسلامي وتشبثها بأفكار أعداء الإسلام الذين يشنون حربهم الباردة على العالم الإسلامي بواسطة تلويث أفكار المرأة المسلمة.
وللأسف قد إنصاعت المرأة المسلمة وفق خطط الأعداء وقامت بأبشع الأعمال وهو ظلمها لنفسها ولزوجها ولأبنائها والظلم يعاقب عليه في الدنيا قبل الآخرة.
إذا كان الله سبحانه وتعالى حرم الظلم على نفسه فكيف يحلله على عباده؟ قال تعالى: “مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ” [ق: ۲۹].
لا تظلمن إذا ما كنت مقتدرا *** فالظلم آخـره يأتيك بالندم تنام عيناك والمظلوم منتبه *** يدعو عليك وعين الله لم تنم
ولتعلم المرأة أن الدنيا دار زوال ولتعمل للآخرة التي هي دار البقاء.
قال علي بن أبي‌طالب(ع) (حينما طلب منه إمرء كان قد تربع حب الدنيا على قلبه أن يكتب له عقدا لشراء بيت كان ناويا أن يشتريه) [۲۲]:
النفس تبكي على الدنيا وقد علمت… أن السعادة فيها ترك ما فيها
لادار للمرء بعد الموت يسكنها… إلا التي كان قبل الموت يبنيها
فإن بناها بخير طاب مسكنه… وإن بناها بشر خاب بانيها
أموالنا لذوي الميراث نجمعها… ودورنا لخراب الدهر نبنيها
 
على المرأة المسلمة خصوصا المرأة المترقبة لظهور الإمام المهدي (عج) أن تستفيق من غفوتها وتعرف أنه لا يمكن التلاعب بأحكام الدين ولا يمكن وضع يد في الماء ويد في النار.
فإما أن تكون مؤمنة بكل ما تحمله الكلمة من معنى وذلك بالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره وإما أن تتبع شهوات ومغريات الغرب وتحلل ما حرم الله ورسوله (ص).
فإن إختارت الأولى فعليها بطاعة الزوج والحرص على سعادته وتحفيزه على طاعة الله ورسوله (ص).
وعليها بقراءة القرآن الكريم حتى إذا حملت تولد عند الجنين في بطنها حب الله تعالى وحب كتابه الحكيم، إذ أن هناك أطفال لما تعلموا النطق في الأشهر الأولى من عمرهم نطقوا بآيات من الذكر الحكيم.
وعند السنة الثالثة من عمرالطفل تقوم الأم بمشاركة الأب بتشجيعه على حفظ القرآن الكريم وتمرينه على الصلاة عندما يبلغ السابعة.
أما إذا كانت الطفلة فتاة حجباها والداها في التاسعة من عمرها حتى لا يصبح الحجاب أمرا صعبا عليها في الكبر.
وعلى الأم والأب معا الإهتمام بأصدقاء الأطفال لأن المثل يقول قل لي من تعاشر أقول لك من أنت وكذلك مراقبة القنوات الفضائية التي يتردد على مشاهدتها زيادة على المراقبة المشددة عند إستعماله للإنترنيت.
ولما يبلغ الولد العشرينات من عمره ويشتد عوده ينصحانه بالزواج من أجل التحصن بالإضافة إلى تذكيره وحثه على الإيمان بالإمام المهدي (عج) والعمل على أي يكون من أصحابه والإستشهاد بين يديه الكريمتين.
هكذا نكون ضمنا مجتمعا مبنيا على تعاليم المصطفى (ص) وهكذا يكون التمهيد للإمام المهدي(عج).
 

المرأة في المجتمع :

إنما الأمم الأخلاق ما بقيت..فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا إذا أصلحت المرأة المسلمة نفسها كفرد وكزوجة وكأم صارت إمرأة يقتدى بها في المجتمع وكانت مثالا يحتذى به في كل بيت.
وأصبح كلامها يستمع إليه ونصائحها تتبع ووجودها محبب وسط النساء والعائلات.
في هذه الحالة تصبح المرأة المسلمة ملزمة بإلقاء ندوات أومحاضرات أوكتابة مقالات أو إعداد برامج توعية تحدث فيها الناس عن الإمام المهدي (عج) وكيفية الإستعداد تمهيدا لظهوره المقدس.
زيادة على هذا ربما تكون مرشحة لصحبة الإمام (عج) في معركة الفتح و النصر المنتظرة، بما أن الروايات تذكر أن خمسين إمرأة صالحة ستكون من ضمن الثلاثمائة وثلاثة عشر من أصحاب الإمام(عج).
 

الخاتمة :

عندما نتحدث عن الإمام المهدي (عج) يجب أن نعرف أنه خليفة الله في الأرض وبقية الله وهوعين الله في خلقه، عنده علم الدين ويحكم بحكم داوود (ع).
الإمام حاكم عادل لا تأخذه في الله لومة لائم ولا شفقة ولا رحمة في الظالم ولا ينفع إيمان أحد إلا من آمن قبل ظهوره.
لذا على المرأة المسلمة أن تبتعد عن الشبهات وكل ما يتعارض مع الدين وتقتدي بالنساء الصالحات في عهد النبي (ص) وأن تصلح كل ما باستطاعتها إصلاحه في المجتمع حاملة شعار التوحيد ومهتدية بالهدي القرآني والنبوي قبل فوات الأوان.
 

المصادر :

 
۱.صحيح مسلم _ الصفحة أو الرقم: ۱۶۰
 
۲. شرح نهج البلاغة _ ابن أبي الحديد _ ج ١٣ _ الصفحة ١٢ .
 
۳. تحف العقول:۲۴۵، بحار الأنوار۱۱۷-۴۵.
 
۴.أخرجه مسلم، كتاب الذكر والدعاء، باب أكثر أهل الجنة الفقراء…، رقم(۲۷۴۲).
 
۵.رواه البخاري في صحيحه ( رقم ۴۸۰۸، ج۵، ص۱۹۵۹).
 
۶.الجامع الصغير _ الصفحة أوالرقم: ۳۸۶۱.
 
۷. الصغير _ الصفحة أوالرقم: ۱۷۲۹ .
 
۸.صحيح الترغيب _ الصفحة أوالرقم: ۲۰۴۳
 
۹. صحيح البخاري _ الصفحة أوالرقم: ۷۲۸۰.
 
۱۰. عوالم العلوم: ص ۵۳ رقم ۵.
 
۱۱. بحار الأنوار ۴۳.
 
۱۲. http://al-shia.org/html/ara/others/index.php?mod=monazerat&id=105
 
 
۱۳. http://ejabat.google.com/ejabat/thread?tid=1abe4be294c00b66
 
۱۴. معاني الأخبار ص۳۱۶.
 
۱۵. أمالي الطوسي ۱/۳۷۹.
 
۱۶معاني الأخبار ص۱۴۴
 
۱۷. روضة الواعظين ص۴۷۴
 
۱۸. مصباح الأنوار
 
۲۰. الغايات ص۹۲.
 
۲۱. الراوي: أبوأذينة الصدفي المحدث: الألباني _ المصدر: السلسلة الصحيحة _ الصفحة أوالرقم: ۱۸۴۹.

أضف تعليق

*

code

اتبعنا

يمكنك التواصل معنا بسهولة ، كما يسعدنا تكوين صداقات جديدة.

تبرعات الخیرین

قال الامام المهدي عليه السلام :

إِنَّاغَيرُ مُهمِلِينَ لِمُرَاعَاتِكُم وَ لَا نَاسِينَ لِذِكرِكُم

قناة المرتجى قناة ذوابعاد التى أسست لنشر ثقافة المهدوية ومعرفة الامام المهدي عليه السلام، هي مجموعة شعبية التي تستمر بعناية تبرعات الخيرين ومحبين الامام. نستقبل تبرعاتكم في هذه المسيرة الالهية عن طرق التالية :

رقم الحساب
2128_804_5535860_1

رقم بطاقة التبرعات
6273_8111_2907_9148

باسم « علی طاعتی » مدیر المجموعة

للاتصال مع رابط المجموعة
+989376688959