📙 اعلم أن المشهور بين الكافة من أهل الإسلام على ممر الأعصار أنه لا بد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت يؤيد الدين و يظهر العدل و يتبعه المسلمون و يستولى على الممالك الإسلامية و يسمى بالمهدي و يكون خروج الدجال و ما بعده من أشراط الساعة الثابتة فى الصحيح على أثره، و أن عيسى عليه السلام ينزل من بعده فيقتل الدجال أو ينزل من بعده فيساعده على قتله و يأتم بالمهدي في صلاته.
و خرّج أحاديث المهد جماعة من الأئمة منهم أبو داود و الترمذي و ابن ماجه و البزار و الحاكم و الطبراني و أبو يعلي الموصلي و أسندوها إلى جماعة من الصحابة مثل علي و ابن عباس و ابن عمر و طلحة و عبد اللّه بن مسعود و أبى هريرة و أنس و أبى سعيد الخدري و أم حبيبة و أم سلمة و ثوبان و قرة بن إياس و علي الهلالي و عبد اللّه بن الحارث بن جزء رضي اللّه عنهم و أسناد أحاديث هؤلاء بين صحيح و حسن و ضعيف.
و قد بالغ الإمام المؤرخ عبد الرحمن بن خلدون المغربي في تاريخه في تضعيف أحاديث المهدي كلها فلم يصب بل أخطأ و ما روى من رواية محمد بن المنكدر عن جابر: من كذب بالمهدي فقد كفر. فموضوع و المتهم فيه أبو بكر الإسكاف و ربما تمسك المنكرون لشأن المهدي بما روى مرفوعا أنه قال: لا مهدي إلا عيسى بن مريم و الحديث ضعفه البيهقي و الحاكم و فيه أبان بن صالح و هو متروك الحديث و اللّه أعلم كذا أخبرنا سفيان الثّوريّ عن عاصم بن بهدلة عن زرّ عن عبد اللّه قال :
«قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: لا تذهب الدّنيا حتّى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي»
و في الباب عن عليّ و أبي سعيد و أمّ سلمة و أبي هريرة.
📚 ألمصدر: ألمهدي عند أهل ٱلسنة للفقيه ٱلإيماني
**********************************************************************************************************************
باب فى الفتن العظام و المحن التى تعقبها الساعة:
منها المهدي الموعود المنتظر الفاطمي، و هو أولها، و الأحاديث الواردة فيه على اختلاف رواياتها كثيرة جدا، تبلغ حد التواتر، و هي في السنن و غيرها من دواوين الإسلام من المعاجم و المسانيد. و قد أوضح القول فيها القاضي مؤيد الدين عبد الرحمن بن خلدون الحضرمي المغربي في كتابه «العبر و ديوان المبتدأ و الخبر» حيث قال: يحتجون في الباب بأحاديث خرجها الأئمة، و تكلم فيها المنكرون لذلك، و ربما عارضوها ببعض الأخبار، و للمنكرين فيها من المطاعن فإذا وجدنا طعنا في بعض رجال الأسانيد، بغفلة أو بسوء حفظ أو ضغط أو سوء رأي تطرق ذلك إلى صحة الحديث، و أوهن منها إلى آخر ما قال.
و ليس كما ينبغي، فإن الحق الأحق بالاتباع، و القول المحقق عن المحدثين، المميزين بين الدار و القاع أن المعتبر في الرواة، و رجال الأحاديث أمران لا ثالث لهما، و هما الضبط و الصدق، دون ما اعتبره عامة أهل الأصول من العدالة و غيرها، فلا يتطرق الوهن إلى صحة الحديث بغير ذلك، كيف و مثل ذلك يتطرق إلى رجال الصحيحين، و أحاديث المهدي عند الترمذى، و أبى داود، و ابن ماجه و الحاكم، و الطبراني، و أبي يعلی الموصلي و أسندوها إلى جماعة من الصحابة فتعرض المنكرين لها ليس كما ينبغي.
و الحديث يشد بعضه بعضا و يتقوى أمره بالشواهد و المتابعات و أحاديث المهدي بعضها صحيح، و بعضها حسن، و بعضها ضعيف و أمره مشهور بين الكافة من أهل الإسلام على ممر الأعصار، و أنه لا بد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت النبوي يؤيد الدين و يظهر العدل و يتبعه المسلمون، و يستولى على الممالك الإسلامية، و يسمى بالمهدي. و يكون خروج الدجال، و ما بعده من أشراط الساعة الثابتة في الصحيح على أثره، و أن عيسى ينزل من بعده فيقتل الدجال أو ينزل معه فيساعده على قتله و يأتم بالمهدى في صلواته إلى غير ذلك.
و أحاديث الدجال، و عيسى أيضا بلغت حد التواتر و التوالي، و لا مساغ لإنكارها كما بين ذلك القاضى العلامة محمد بن علي الشوكاني اليمني رحمه اللّه تعالى في التوضيح في تواتر ما جاء في المهدي المنتظر، و الدجال، و المسيح. قال: و الأحاديث الواردة في المهدي التي أمكن الوقوف عليها منها خمسون حديثا فيها الصحيح و الحسن و الضعيف المنجبر، و هي متواترة بلا شك و لا شبهة، بل يصدق وصف التواتر على ما هو دونها على جميع الاصطلاحات المحررة في الأصول، و أما الآثار عن الصحابة المصرحة بالمهدي فهي كثيرة أيضا، لها حكم الرفع إذ لا مجال للاجتهاد في مثل ذلك.
أضف تعليق