بقي هنا سؤال لا بدّ من الإجابة عليه و هو: لماذا غاب الإمام (عليه السلام) هذه القرون الطويلة؟
و الجواب-كما صرّحت بذلك الأحاديث-: هو أنّ حياته مهدّدة بالقتل، إذ من الطبيعي أنّ الحكّام الذين حكموا طيلة هذه القرون-من العباسيّين و العثمانيين و غيرهم ممّن حكموا بلاد الشرق الأوسط بصورة خاصة-كانوا يبذلون أقصى جهودهم للقضاء على حياة الإمام المهدي (عليه السلام) و خاصة بعد أن علموا بأنّ الإمام المهدي هو الذي يزلزل كراسي الظالمين، و يقوّض عروشهم، و يدمّر كيانهم، و يمنعهم من الإستيلاء على العباد و البلاد.
أنظر إلى تاريخ أئمة أهل البيت (عليهم السلام) فلا ترى واحدا منهم مات حتف أنفه.. بل قتلهم طواغيت هذه الأمّة، إبدأ من الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) و سر مع تاريخ الأئمة، فإنّك تراهم قد قتلوا إمّا بالسيف، و إمّا بالسمّ، (و حتى الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) دسّوا إليه السمّ و قتلوه) مع العلم أنّه لم يرد فيهم ما ورد في حق الإمام المهدي (عليه السلام) من البشائر و الإخبارات، فمثلا: لم يرد حديث واحد في حقّ أحد الأئمة بأنّه يملأ الدنيا قسطا و عدلا، و أنّه يحكم
العالم كلّه، و أنّ جميع وسائل الإنتصار تتوفّر له، سوى في حق الإمام المهدي (عليه السلام) . فما ترى يكون موقف الحكومات من هذا الموجود الذي يشكّل الخطر على كلّ ما يملكون؟.
و لقد مرّ عليك أنّه كيف كان الإمام العسكري (عليه السلام) يحاول إخفاء ولادة الإمام المهدي (عليه السلام) عن عامّة الناس، تحفّظا على حياة ولده من شرّ الفراعنة الطغاة، و سيأتيك شيء من التفاصيل التي تصرّح بأنواع التحرّي و التفتيش الذي قام به رجال السلطة في دار الإمام العسكري (عليه السلام) بحثا عن الإمام المهدي (عليه السلام)
أضف تعليق