أما العلائم المحتومة:
فهي ما في حديث الإمام الصادق عليه السلام:
(قبل قيام القائم خمس علامات محتومات: اليماني، والسفياني، والصيحة، وقتل النفس الزكية، والخسف بالبيداء)(کمال الدین :650/باب 57/ح7)
فلنشير إلى شيء من بيان العلائم الحتمية الخمسة للظهور المبارك:
1: *الصيحة السماوية*
ان الصيحة من الأمور المحتومة
لقد وردت روايات عديدة تؤكد على أن الصيحة شأنها شأن السفياني من الأمور الحتمية فعن أبي حمزة الثمالي قال: «إن أبا جعفر كان يقول: خروج السفياني من المحتوم والنداء من المحتوم» (كتاب الغيبة للشيخ الطوسي: ص435).
وعن محمد بن علي الحلبي قال: سمعت أبا عبد الله الصادق صلوات الله وسلامه عليه يقول: «اختلاف بني العباس من المحتوم والنداء من المحتوم وخروج القائم من المحتوم…» (كتاب الكافي للشيخ الكليني: ج8، ص310).
*محتوى الصيحة ومضمونها*
أما محتوى هذه الصيحة ومضمونها فهو كما صرحت به الروايات الشريفة، فعن أبي حمزة الثمالي عن الصادق صلوات الله وسلامه عليه قال: «…ينادي مناد من السماء أول النهار يسمعه كل قوم بألسنتهم: ألا إن الحق في علي وشيعته…» (كتاب الغيبة للشيخ الطوسي: ص435).
وفي رواية ثانية قال صلوات الله وسلامه عليه: «ولا يخرج القائم حتى ينادى باسمه من جوف السماء… قلت: بم ينادى؟ قال: باسمه واسم أبيه، ألا إن فلان بن فلان قائم آل محمد فاسمعوا له وأطيعوه، فلا يبقى شيء من خلق الله فيه الروح إلا يسمع الصيحة» (كتاب الغيبة لمحمد بن إبراهيم النعماني: ص301).
*في أن الصيحة صيحتان صيحة حق وصيحة باطل*
وينبغي على المؤمن المنتظر أن يكون معلوما لديه، أن الصيحة المذكورة في الروايات الشريفة صيحتان، صيحة حق ينادي بها جبرائيل ــ عليه السلام ــ، بهدف إعلان وقت الظهور وتمهيد النفوس والأجواء لاستقبال هذا الحدث العظيم، وهي بشارة للمؤمنين وتطمينا لقلوبهم، والصيحة الأخرى باطلة، وهي صيحة ضلال، ينادي بها إبليس اللعين يهدف من خلالها بث الشك في قلوب أوليائه، وإبطال تأثير صيحة جبرائيل، والتعمية والتشويش على محتوى الصيحة الحقة التي ينادي بها جبرائيل ومضمونها، فعن أبي حمزة الثمالي عن أبي عبد الله الصادق صلوات الله وسلامه عليه قال: «قلت: وكيف يكون النداء؟ قال: ينادي مناد من السماء أول النهار يسمعه كل قوم بألسنتهم: ألا إن الحق في علي وشيعته. ثم ينادي إبليس في آخر النهار من الأرض: ألا إن الحق في عثمان وشيعته فعند ذلك يرتاب المبطلون» (كتاب الغيبة للشيخ الطوسي: ص435).
وعن هشام بن سالم قال: سمعت أبا عبد الله صلوات الله وسلامه عليه يقول: «هما صيحتان صيحة في أول الليل، وصيحة في آخر الليلة الثانية قال: فقلت: كيف ذلك؟ قال: فقال: واحدة من السماء، وواحدة من إبليس فقلت: وكيف تعرف هذه من هذه؟ فقال: يعرفها من كان سمع بها قبل أن تكون» (كتاب الغيبة لمحمد بن إبراهيم النعماني: ص273 – 274).
وعن زرارة عن أبي عبد الله صلوات الله وسلامه عليه قال: «ينادي مناد باسم القائم عليه السلام، قلت: خاص أو عام؟ قال: عام يسمع كل قوم بلسانهم، قلت: فمن يخالف القائم عليه السلام وقد نودي باسمه؟ قال: لا يدعهم إبليس حتى ينادي في آخر الليل ويشكك الناس» (كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: ص650 – 651).
وعن أبي عبد الله الصادق صلوات الله وسلامه عليه قال: «صوت جبرائيل من السماء، وصوت إبليس من الأرض، فاتبعوا الصوت الأول وإياكم والأخير أن تفتتنوا به» (المصدر السابق: ص652).
2 -خروج السفياني :
وهو رجل سفّاك للدماء، أموي النسب، حقود على أهل البيت عليهم السلام، اسمه عثمان بن عنبسة من ولد أبي سفيان.
وهو وحش الوجه، ضخم الهامة، بوجهه أثر الجدري، يخرج من الوادي اليابس بالشام، كما في حديث أمير المؤمنين عليه السلام (كمال الدين:651/باب57/ح 188)
وصفه الإمام الباقر بأنه: «السفياني أحمر، أشقر، أزرق. لم يعبد الله قط، ولم ير مكة ولا المدينة قط»(النعماني،الغيبة:ص435)
وله محنة كبرى وبلاء عظيم وقتل ذريع وهتك للحرمات، يفعلها هو وجيشه الذي يكون في الشام ويبعثه إلى العراق وإلى المدينة، كما يستفاد من خطبة البيان (إلزام الناصب188:2)
ويكون خروجه في رجب، ورايته حمراء، كما في حديث البحار (بحارالانوار م53/ص 248/ح 131)
أما جيشه إلى العراق فيرجع إلی الشام بعد إفساد كثير، وأما جيشه إلى المدينة فيخسف بهم في البيداء، كما يأتي في العلامة الثالثة.
ونهاية أمره هو الخسران المبين، كما تلاحظ مفصّل بيانه في كتاب الإمام المهدي(الإمام المهدي من المهد الی الظهور:433) وحاصله:
توجه الإمام المهدي عليه السلام بعد الكوفة إلى الشام وقضاؤه على السفياني وأصحابه وجيشه الراجع إلى الشام، ويريح الله العباد من شره.
٣ _ *خسف البيداء
البيداء اسم للمفازة التي لا شيء فيها، وهي اسم أرض خاصة بين مكّة والمدينة، على ميل _ أي ١٨٦٠ متراً _ من ذي الحليفة نحو مكّة، وكأنها مأخوذة من الإبادة أي الإهلاك.
ومن العلامات الحتمية انخساف هذه الأرض بجيش السفياني وابتلاعها لهم، فإن السفياني يبعث جيشه إلى المدينة _ كما عرفت _ فيبغي فيها الظلم والفساد.
ويخرج الإمام المهدي عليه السلام من المدينة إلى مكّة على سُنّة موسى بن عمران، فيبلغ قائد جيش السفياني أن الإمام المهدي عليه السلام قد خرج إلى مكّة، فيبعث جيشه على أثره ليهدم الكعبة.
«… وينزل أمير جيش السفياني البيداء، فينادي مناد من السماء: يا بيداء أبيدي القوم، فيخسف بهم البيداء و يحوّل الله وجوههم في أقفيهم (الإختصاص،الشيخ المفيد ص 256.جماعة المدرسين)
وينجو من هذا الخسف رجلان، أحدهما يبشّر الإمام المهدي بهلاك الظالمين، والآخر ينذر السفياني بهلاك جيشه، كما في حديث المفضل حيث جاء فيه:
(ثُمَّ يُقْبِلُ عَلَى الْقَائِم عليه السلام رَجُلٌ وَجْهُهُ إِلَى قَفَاهُ وَقَفَاهُ إِلَى صَدْرِهِ وَيَقِفُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَيَقُولُ: يَا سَيِّدِي أنَا بَشِيرٌ، أمَرَني مَلَكٌ مِنَ الْمَلائِكَةِ أنْ ألْحَقَ بِكَ، وَاُبَشِّرَكَ بِهَلاكِ جَيْش السُّفْيَانِيِّ بِالْبَيْدَاءِ.
فَيَقُولُ لَهُ الْقَائِمُ عليه السلام: بَيِّنْ قِصَّتَكَ وَقِصَّةَ أخِيكَ.
فَيَقُولُ الرَّجُلُ: كُنْتُ وَأخِي فِي جَيْش السُّفْيَانِيِّ وَخَرَّبْنَا الدُّنْيَا مِنْ دِمَشْقَ إِلَى الزَّوْرَاءِ وَتَرَكْنَاهَا جَمَّاءَ وَخَرَّبْنَا الْكُوفَةَ وَخَرَّبْنَا الْمَدِينَةَ…
وَخَرَجْنَا مِنْهَا، وَعَدَدُنَا ثَلاثُمِائَةِ ألْفِ رَجُلٍ نُريدُ إِخْرَابَ الْبَيْتِ وَقَتْلَ أهْلِهِ، فَلَمَّا صِرْنَا فِي الْبَيْدَاءِ عَرَّسْنَا فِيهَا، فَصَاحَ بِنَا صَائِحٌ: يَا بَيْدَاءُ أبِيدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ.
فَانْفَجَرَتِ الأرْضُ وَابْتَلَعَتْ كُلَّ الْجَيْش، فَوَاللَّهِ مَا بَقِيَ عَلَى وَجْهِ الأرْض عِقَالُ نَاقَةٍ فَمَا سِوَاهُ غَيْري وَغَيْرُ أخِي.
فَإِذَا نَحْنُ بِمَلَكٍ قَدْ ضَرَبَ وُجُوهَنَا فَصَارَتْ إِلَى وَرَائِنَا كَمَا تَرَى، فَقَالَ لأخِي: وَيْلَكَ يَا نَذِيرُ! امْض إِلَى الْمَلْعُونِ السُّفْيَانِيِّ بِدِمَشْقَ فَأنْذِرْهُ بِظُهُورِ الْمَهْدِيِّ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ عليه السلام وَعَرَفْهُ أنَّ اللَّهَ قَدْ أهْلَكَ جَيْشَهُ بِالْبَيْدَاءِ.
وَقَالَ لِي: يَا بَشِيرُ، الْحَقْ بِالْمَهْدِيّ بِمَكَّةَ وَبَشّرْهُ بِهَلاكِ الظَّالِمِينَ، وَتُبْ عَلَى يَدِهِ فَإنَّهُ يَقْبَلُ تَوْبَتَكَ.
فَيُمِرُّ الْقَائِمُ عليه السلام يَدَهُ عَلَى وَجْهِهِ فَيَرُدُّهُ سَويّاً كَمَا كَانَ، وَيُبَايِعُهُ وَيَكُونُ مَعَه(بحارالإنوار ج 53:باب 25/حديث 1)
٤ _ *خروج اليماني*:
من العلائم المحتومة خروج اليماني الذي يدعو إلى الحق وإلى الطريق المستقيم، كما صرّحت به الأحاديث مثل:
حديث الإمام الباقر عليه السلام:
(وَلَيْسَ فِي الرَّايَاتِ أهْدَى مِنْ رَايَةِ الْيَمَانِيّ، هِيَ رَايَةُ هُدىً، لأنَّهُ يَدْعُو إِلَى صَاحِبِكُمْ، فَإِذَا خَرَجَ الْيَمَانِيُّ حَرَّمَ بَيْعَ السَلاح عَلَى (النَّاسِ وَ) كُلّ مُسْلِم. وَإِذَا خَرَجَ الْيَمَانِيُّ فَانْهَضْ إِلَيْهِ فَإِنَّ رَايَتَهُ رَايَةُ هُدىً، وَلا يَحِلُّ لِمُسْلِم أنْ يَلْتَويَ عَلَيْهِ، فَمَنْ فَعَلَ فَهُوَ مِنْ أهْل النَّارِ، لأنَّهُ يَدْعُو إِلَى الْحَقِّ وَإِلى طَريقٍ مُسْتَقِيم) (الغيبة لطوسي ،ص:267 الغيبة للنعماني، ص: 163 الملاحم والفتن،ص 71)
قال الإمام باقر (عليه السلام):
يكون خروج السفياني من الشام – أي من البلاد الشامية – وخروج اليماني من اليمن.
اليماني: من أولاد زيد بن علي (عليه السلام):
الإمام الصادق (عليه السلام): «خروج رجل من ولد عمّي زيد، باليمن».
فيكون – اذن – من نسل خلفاء اليمن السابقين المنتسبين إلى زيد بن علي بن الحسين (عليه السلام)، وفد جاء عن بعضهم (عليهم السلام):
«يخرج في صنعاء اليمن اسمه (حسين أو حسن) والله العالِم على كل حال».(نورالأبصار،ص: 172و بشارة الإسلام ،ص: 175.187)
إذن، فهذا الثائر هو من نسل زيد بن علي (عليه السلام)، ومن نسل خلفاء اليمن، ورايته راية هُدى، يدعو للمهدي (عليه السلام) ويخرج من صنعاء اليمن.
٥ _ *قتل النفس الزكيّة*:
وهو غلام من آل محمّد عليهم السلام، اسمه محمّد بن الحسن النفس الزكيّة، يُقتل بين الركن والمقام بدون أيّ ذنب.
قال الحجّة (عليه السلام):
«فلابدَّ من قتل غلام من آل محمّد (صلى الله عليه وآله) بين الركن والمقام»(الغیبة للطوسي ص:271 الغيبة للنعماني ص :151 ومنتخب الأثر ص: 439)
يرسله الإمام المهدي عليه السلام إلى أهل مكّة _ قبل وصوله إليها _ إتماماً للحجة واستنصاراً لمظلومية أهل البيت عليهم السلام، كما يستفاد من حديث الإمام الباقر عليه السلام جاء فيه:
(يَقُولُ الْقَائِمُ عليه السلام لأصْحَابِهِ: يَا قَوْمِ إِنَّ أهْلَ مَكَّةَ لا يُرِيدُونَنِي، وَلَكِنّي مُرْسِلٌ إِلَيْهِمْ لأحْتَجَّ عَلَيْهِمْ بِمَا يَنْبَغِي لِمِثْلِي أنْ يَحْتَجَّ عَلَيْهِمْ.
فَيَدْعُو رَجُلاً مِنْ أصْحَابِهِ فَيَقُولُ لَهُ: امْض إِلَى أهْل مَكَّةَ فَقُلْ: يَا أهْلَ مَكَّةَ! أنَا رَسُولُ فُلانٍ إِلَيْكُمْ وَهُوَ يَقُولُ لَكُمْ: إِنَّا أهْلُ بَيْتِ الرَّحْمَةِ، وَمَعْدِنُ الرَسَالَةِ وَالْخِلافَةِ، وَنَحْنُ ذُرِّيَّةُ مُحَمَّدٍ وَسُلالَةُ النَّبِيِّينَ، وَإِنَّا قَدْ ظُلِمْنَا وَاضْطُهِدْنَا وَقُهِرْنَا وَابْتُزَّ مِنَّا حَقُّنَا مُنْذُ قُبِضَ نَبِيُّنَا إِلَى يَوْمِنَا هَذَا، فَنَحْنُ نَسْتَنْصِرُكُمْ فَانْصُرُونَا.
فَإِذَا تَكَلَّمَ هَذَا الْفَتَى بِهَذَا الْكَلام، أتَوْا إِلَيْهِ فَذَبَحُوهُ بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام، وَهِيَ النَّفْسُ الزَّكِيَّةُ.
فَإِذَا بَلَغَ ذَلِكَ الإِمَامَ قَالَ لأصْحَابِهِ: ألا أخْبَرْتُكُمْ أنَّ أهْلَ مَكَّةَ لا يُريدُونَنَا، فَلا يَدْعُونَهُ حَتَّى يَخْرُجَ فَيَهْبِطُ مِنْ عَقَبَةِ طُوىً فِي ثَلاثِمِائَةٍ وَثَلاثَةَ عَشَرَ رَجُلاً _ عِدَّةِ أهْل بَدْرٍ _ حَتَّى يَأتِيَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فَيُصَلّي فِيهِ عِنْدَ مَقَام إِبْرَاهِيمَ أرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَيُسْنِدُ
ظَهْرَهُ إِلَى الْحَجَر الأسْوَدِ، ثُمَّ يَحْمَدُ اللَّهَ وَيُثْنِي عَلَيْهِ وَيَذْكُرُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم وَيُصَلّي عَلَيْهِ وَيَتَكَلَّمُ بِكَلام لَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِ أحَدٌ مِنَ النَّاس (بحار الأنوار ج52: 307/باب 26/ح 81)
وهذه العلائم الخمسة من علامات الظهور المحتّمات _ كما تقدم _ تكون في سنة الظهور ويكون بعده القيام (كمال الدين ص:655/باب 27/ح25)
أضف تعليق