سوال . ما هو: المشرك، الكافر، الحربي و الذمي؟
الجواب
جاء في كتاب تفسيرالميزان [1]للمرحوم العلامة الطباطبائي تعريف المشرك فقال: المشرك من عبد الأصنام و غيرهم.كما عرفه الامام الخميني(ره)[2] قائلا: الكافر هو من انتحل غير الاسلام او انتحله و جحد ما يعلم من الدين ضرورة بحيث يرجع جحوده الي انكار الرسالة، او تكذيب النبي صلي الله عليه و آله او تنقيص شريعته المطهرة، او صدر منه ما يقتضي كفره من قول او فعل، من غير فرق بين المرتد و الكافر الأصلي الحربي و الذمي.
و جاء في كتاب شرح اللمعة للشهيد الثاني[3] شرح السيد كلانتر تعريف الحربي:
المراد من المحارب: من حارب المسلمين و أخافهم، و المحاربة هي تجريد السلاح براً أو بحراً ليلاً أو نهاراً لاخافة الناس في مصر و غيره من ذكر أو أنثي.و في كتاب مجمع البحرين، كتاب الميم باب ما اوله الذال ص 529 الطبعة القديمة، مادة ذمم: الذمه، العهد، الذمه و الذمام، بمعني العهد و الأمان، و أهل الذمه، سموا بذالك، لأنهم دخلوا في ضمان المسلمين و عهدهم
ملاحظات
١ – هناك كلام بين المفسرين في الجماعة الذين عنتهم الآية قاتلوهم
يعذبهم الله بأيديكم من هم؟!
قال بعضهم: إن الآية تشير إلى اليهود، وإلى بعض الأقوام الذين نازلوا
المسلمين وقاتلوهم بعد حين كالفرس والروم.
وقال بعضهم: هي إشارة إلى كفار قريش.
وقال بعضهم: بل هي إشارة إلى المرتدين بعد إسلامهم.
إلا أن ظاهر الآيات يدل – بوضوح – على أن موضوعها هو جماعة
المشركين وعبدة الأصنام الذين عاهدوا المسلمين على عدم القتال والمخاصة،
إلا أنهم نقضوا عهدهم.
وكان هؤلاء المشركون في أطراف مكة أو سائر نقاط الحجاز كما أنه لا يمكن القبول بأن الآية ناظرة إلى قريش، لأن قريشا
ورئيسها – أبا سفيان – أعلنوا إسلامهم – ظاهرا – في السنة الثامنة بعد فتح مكة،
والسورة محل البحث نزلت في السنة التاسعة للهجرة.
كما أن الاحتمال بأن المراد من الآية هو الفرس أو الروم بعيد جدا عن مفهوم
الآية، لأن الآية – أو الآيات محل البحث – تتكلم عن مواجهة فعلية، لا على
مواجهات مستقبلية أضف إلى ذلك فإن الفرس أو الروم لم يهموا بإخراج الرسول
من وطنه.
كما أن الاحتمال بأن المراد هم المرتدون بعد الإسلام، بعيد غاية البعد، لإن
التأريخ لم يتحدث عن مرتدين أقوياء واجهوا الرسول ذلك الحين ليقاتلهم بمن
معه من المسلمين.
ثم إن كلمة ” أيمان ” جمع ” يمين ” وكلمة ” عهد ” يشيران إلى المعاهدة بين
المشركين والرسول على عدم المخاصمة، لا إلى قبول الإسلام. فلاحظوا بدقة.
وإذا وجدنا في بعض الروايات الإسلامية أن هذه الآية طبقت على
” الناكثين ” في ” معركة الجمل ” وأمثالها، فلا يعني ذلك أن الآيات نزلت في شأنهم
فحسب، بل الهدف من ذلك أن روح الآية وحكمها يصدقان في شأن الناكثين
ومن هم على شاكلتهم ممن سيأتون في المستقبل.
والسؤال الوحيد الذي يفرض نفسه ويطلب الإجابة، هو: إذا كان المراد
جماعة المشركين الذين نقضوا عهودهم، وقد جرى الكلام عليهم في الآيات
المتقدمة، فعلام تعبر الآية هنا عنهم بالقول: وإن نكثوا أيمانهم مع أنهم قد
نكثوها فعلا.
والجواب: إن المراد من هذه الجملة – المذكورة آنفا – أنهم لو واصلوا نقضهم
أو نكثهم للأيمان، ولم يثوبوا إلى رشدهم، فينبغي مقاتلتهم. ونظير ذلك ما جاء في
قوله تعالى: اهدنا الصراط المستقيم ومفهومها أننا نطلب من الله أن يوفقنا لأن
نسير على الصراط المستقيم وأن تستمر هدايته إيانا.
والشاهد على هذا الكلام أن جملة وإن نكثوا أيمانهم جاءت في مقابل
فإن تابوا وأقاموا الصلاة أي لا يخلو الأمر من أحد وجهين، فإما أن يتوبوا
ويعرضوا عن الشرك ويتجهوا نحو الله، وإما أن يستمرا على طريقهم ونكث
أيمانهم. ففي الصورة الأولى هم إخوانكم في الدين، وفي الصورة الثانية ينبغي
مقاتلتهم.
٢ – مما يسترعي الانتباه أن الآيات محل البحث لا تقول: قاتلوا الكفار، بل
تقول: فقاتلوا أئمة الكفر وهي إشارة إلى أن (القاعدة الجماهيرية) وعامة
الناس تبع لزعمائهم ورؤسائهم، فينبغي أن يكون الهدف القضاء على رؤسائهم
وأئمتهم، لأنهم أساس الضلال والتضليل والظلم والفساد، فاستأصلوا شجرة
الكفر من جذورها وأحرقوها. فمواجهة الكفار لا تجدي نفعا ما دام أئمتهم في
الوجود، أضف إلى ذلك فإن هذا التعبير يعد ضربا من ضروب النظرة البعيدة
المدى وعلو الهمة وتشجيع المسلمين، إذ عد أئمة الكفر في مقابل المسلمين،
فليواجهوهم فذلك أجدر من مواجهة من دونهم من الكفار.
والعجيب أن بعض المفسرين يرى أن هذا التعبير يعني أبا سفيان وأمثاله من
زعماء قريش، مع أن جماعة منهم قتلوا في معركة بدر، وأسلم الباقي منهم
كأبي سفيان بعد فتح مكة – بحسب الظاهر – وكانوا عند نزول الآية في صفوف
المسلمين، فمقاتلتهم لا مفهوم لها.
واليوم ما يزال هذا الدستور القرآني المهم باقيا على قوته ” ساري المفعول ”
فالكي نزيل الاستعمار والفساد والظلم، لابد من مواجهة رؤوساء والأكابر وأئمة
المنحرفين، وإلا فلا جدوى من مواجهة من دونهم من الأفراد، فلا حظوا بدقة.
٣ – إن التعبير ب إخوانكم في الدين الوارد في الآيات المتقدمة، من ألطف
التعابير التي يمكن أن يعبر بها في شأن المساواة بين أفراد المجتمع، وبيان أوثق
العلائق العاطفية، لأن أجلى العلائق العاطفية وأقربها في الناس التي تمثل
المساواة الكاملة هي العلاقة ما بين الأخوين.
إلا أن من المؤسف أن الانقسامات الطبقية والنداءات القومية سحقت هذه
الأخوة الإسلامية التي كان الأعداء يغبطوننا عليها، ووقف الإخوان في مواجهة
إخوانهم متراصين بشكل لا يصدق، وقد يقاتل كل منهما الآخر قتالا لا يقاتل
العدو عدوه بمثل هذا القتال، وهذا واحد من أسرار تأخرنا في عصرنا هذا.
٤ – يستفاد – إجمالا – من جملة ” أتخشونهم ” أنه كان بين المسلمين جماعة
يخافون من الاستجابة للأمر بالجهاد، إما لقوة العدو وقدرته، أو لأنهم كانوا يعدو
نقض العهد ذنبا.
فالقرآن يخاطبهم بصراحة أن لا تخافوا من هؤلاء الضعاف، بل ينبغي أن
تخافوا من عصيان أمر الله. ثم إن خشيتكم من نكث الإيمان ونقض العهد ليست
في محلها، فهم الذين نكثوا أيمانهم وهم بدأوكم أول مرة!
المنبع : تفسیرالايات ۱۲ الی ۱۵ من سورة التوبه التفسير الامثل
أضف تعليق